شريط النهاية: في عشق الأرق (1)

كوب الماء شفاف كأخر حقيقة. صف شريط البنادول مرتب ومتناسق. الضجيج في الخارج بعيد، ومتطرف. العينان نعستان وبليدتان. اليد ثابتة فلا ترتجف. العقل خاوي، وعلي وشك الحصول على أخر لذة. في العمق هناك فتاة تلعب الحبل. في العمق الأكثر عمقا هناك سؤال أخير، لكنه لا يكترث. باقية ربع ساعة قبل أن تبدأ العملية، ونصف ساعة أخرى قبل أن تبدأ النهاية.

أو هذا هو المفترض. من المفترض أيضا أن يمر شريط الذكريات علي العقل الخاوي الآن، لكن لا يمر فيه غير الصورة الآنية لشريط البنادول. ربما كان شريط البنادول هو كل الشريط الذي هو الحياة. أيا يكن. تلعب الفتاة التي هي في العمق الحبل بنطات متنابضة، ومتتالية.  بنسق واحد متناغم. بلا بلوب. بلا بلوب. بلا بلوب. السؤال الذي في العمق الأكثر عمقا ينط أخيرا؛ لما شريط البنادول بدل الحبل؟ لما شريط البنادول بدل الحبل؟ لما شريط البنادول بدل الحبل؟ هو أيضا يحب التناسق والتناغم. تبقت عشرة دقائق في ساعة الجهاز المحمول، الموضوع علي وضع الطيران.

لا يمكنك أن تبلع حبوبا منومة، ثم تطير.

ماذا لو كان الحبل فعلا أهم من البنادول. ماذا لو كان الحبل فعلا أيسر من البنادول. ماذا لو كان الحبل فعلا يليق أكثر باللحظة من البنادول؟

بلا بلوب.  بلا بلوب. بلا بلوب.

لما العينان نعستان في المرة الوحيدة التي سيكون فيها بنادول نايت رفيقا سرمديا لهما؟

لا يمكن للحبل أن يكون أكثر أمانا، أو أهمية، أو لياقة من البنادول. الجواب سهل. الحبل للنط فقط لا للخنق. والبنادول للنوم لا لأسباب درامية. المنطق. المنطق حتي في أخر خمس دقائق يكون فوق سلم الوسائل المعرفية الممكنة. من ثم؛ أن تغمض عينيك هكذا بسلام، كما لو كنت نائما لهو شيء آلهي، ورقيق.

يا تُرى هل سيكتمل شحن بطارية الجهاز المحمول مع انتهاء الشريط أم مع انتهاء نط الفتاة، أم مع انتهاء السؤال؟ أوه، السؤال انتهي بالفعل. إذا ربما مع انتهاء نط الفتاة.  نعم مع انتهاء نط الفتاة. هكذا أفضل. هكذا أجمل. أنماط. أنماط. كل شيء عليه أن يكون داخل نمط ما. ضمن نمط ما. متناسق، متناغم، متتالي، متمنطق. الباقي دقيقة.  ما أهمية العد التنازلي عندما لا تكون هناك من أجل الصفر؟ لا أهمية ولكنه النمط مجددا.

تك توك. تك توك. تك توك.

بلا بلوب. بلا بلوب. بلا بلوب.

كوب الماء الشفاف كآخر حقيقة، ها هو يرتفع ثم يهبط في الجوف ليصاحب العشر حبّاب المنفرطة من شريط البنادول الذي انتهك عرضه للتو. لكل شيء وظيفة في الحياة حتى الموت، وهذه وظيفته. لا بأس. ومع هذا، ظل كوب الماء شفافا، وظل شريط البنادول شريطا. هكذا تظل المصطلحات قائمة بذاتها في البُعد الرابع للوجود. إذا ما أهمية التحولات والتنقلات الآنية؟ ومع هذا، ثانية، ستظل نصف الساعة قبل الإنتقال طويلة جدا للإنتظار. وبما أن العينين نعستان إلى هذا الحد، فالوسادة الناعمة أرحم.

يستمتع العقل بأخر لذة. لا يمكن البوح بتفاصيل هذه اللذة حتى لا تصير منطقا، فكل شيء منطقي حتى يفر من التفسير. لا ندري ما تبقى من الوقت بعد هذا. ربما نصف الساعة كاملة، أو ربعها، أو ربما الأبد. كل ما ندري عنه أن السؤال الذي في عمق العمق غاب منذ زمن ولم يعد يسمع له صوت، وأما الفتاة التي تنط في العمق فقد انتشت للحظة كما يجب، بلابلوب. بلابلوب. بلابلوب. ثم قررت أن تستريح فجأة. وهكذا وأخيرا نامت العينان النعستان كما اشتهتا دوما ..

 

ـ أية بوعقرب
4/5/2018

أضف تعليق